الأخوة في الإسلام: مفتاح التلاحم المجتمعي

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تتمحور خطبتنا اليوم حول مفهوم الأخوة في الإسلام، وفضل الإصلاح بين المتخاصمين، ومدى أهمية الولاء بين المؤمنين.
إن الأخوة الإيمانية هي رابطة تجمع القلوب على طاعة الله عز وجل وعبادته، وتؤسس لمجتمع متكاتف يسوده الحب والتناصح وقبول النصيحة.
١. فضل الإصلاح بين المتخاصمين
حثنا الله سبحانه وتعالى على بذل الجهد في إصلاح ذات البين، لأن بقاء الخلافات والنزاعات بين المسلمين يضعف الأواصر ويؤدي إلى تفكك المجتمع.
فالمسلم الحق يسعى دائمًا لرأب الصدع وتقريب القلوب، تحقيقًا للتكافل والتلاحم الذي أمرنا به الله عز وجل.
٢. الولاء والولاية بين المؤمنين
تقوم العلاقة بين المؤمنين على أساس الولاء لله ورسوله، فالقرآن الكريم يوضح لنا هذا المبدأ في قول الله تعالى:
﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (التوبة: 71)
الولاية هنا تعني المؤازرة والتعاون على تحقيق هدف واحد وهو طاعة الله عز وجل وعبادته، والعمل بما أمرنا به وترك ما نهانا عنه.
هذا هو مشروع الحياة الحقيقي الذي يجتمع عليه المؤمنون والمؤمنات.
٣. قيمة التناصح وقبول النصيحة
من أهم مظاهر الأخوة الحقيقية في الإسلام أن يقبل كل منا نصيحة أخيه، ويحرص على تذكيره بالخير وتحذيره من الشر.
ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت النصيحة خالصة لله، بعيدة عن الأغراض الشخصية.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث فيما معناه: ثلاث من كن فيه ذاق بهن حلاوة الإيمان، وذكر من بينهن:
«وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله»
فالمحبة الخالصة في الله هي الدافع الأكبر للنصح والتوجيه، ومن مظاهر صدق الود والوفاء للأخ المسلم.
٤. ثمرات المحبة في الله
إن المحبة في الله منزلة عظيمة، يرفع الله عز وجل بها أقوامًا يغبطهم الأنبياء والشهداء على مكانتهم.
وفي الحديث الشريف:
«إن من عباد الله ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانتهم من الله…»
وذلك لعظم ما وقر في قلوبهم من حب الله وحب بعضهم البعض في الله ومن أجل الله دون أي مصلحة أو منفعة دنيوية.
خاتمة ودعاء
الأحبة في الله، إن الأخوة الإيمانية هي أساس راسخ لبناء مجتمع متين يقف صفًا واحدًا أمام التحديات.
فلنسعَ جاهدين لتقوية روابطنا، ولنحرص على الإصلاح والتناصح وتخفيف الأعباء عن بعضنا، طاعةً لله وابتغاءً لمرضاته.
نسأل الله عز وجل أن يملأ قلوبنا بمحبة بعضنا في سبيله، وأن يجعلنا من عباده الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون،
وأن ييسر لنا سبيل التراحم والتآلف حتى نلقى الله عز وجل بقلوب سليمة مفعمة بالإيمان والمحبة.
اللهم يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين، يا ذا الجلال والإكرام، نسألك أن تصلح ذات بيننا، وأن تؤلف بين قلوبنا،
وأن تجعلنا من أوليائك الصالحين. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.