لا تهدم عبادتك بسوء علاقاتك!
أيها الإخوة والأخوات الكرام،
الله سبحانه وتعالى أمرنا بالعبادات كالصلاة والصيام والزكاة والحج. هذه علاقتنا المباشرة معه، وهي أساس ديننا. لكن الإسلام لا يتوقف هنا! بنفس الأهمية، أمرنا الله بأن نحسن التعامل مع الناس: أهلنا، أصدقاؤنا، جيراننا، وكل من حولنا. هذا هو حُسن الخُلُق والإحسان في المعاملات.
احذر أن تُهمل علاقاتك!
أحيانًا، قد يظن البعض أن الصلاة والعبادات تكفي ليكون مسلماً صالحاً. قد يأتي للمسجد ويقرأ القرآن، لكنه ينسى أن يكون لطيفاً، صبوراً، أو عادلاً مع الناس. قد يقع في الخصومات، أو يقطع رحمه وأقاربه (قطيعة الرحم)، أو يؤذي الآخرين بغير قصد.
هذا خطأ كبير، فصل العبادة عن المعاملة. في الإسلام، هما وجهان لعملة واحدة.
النبي (ﷺ): قدوتنا الكاملة
لكي نعرف كيف نتصرف بشكل صحيح، لدينا أفضل مثال: نبينا محمد (ﷺ). الله تعالى وصفه قائلاً:
وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ
[سورة القلم: 4]
يجب أن نحاول تقليده في صلاته، نعم، ولكن أيضاً وبالأخص في أخلاقه العظيمة: صبره، لطفه، عدله، وطريقة تعامله مع الجميع باحترام.
الأخلاق: الاختبار الحقيقي للإيمان
لماذا الأخلاق مهمة لهذه الدرجة؟ لأن إيماننا الحقيقي يظهر في تعاملنا مع الآخرين. من السهل أن تصلي وحدك، لكن أن تكون صبوراً وأنت غاضب، أن تسامح من آذاك، أن تكون كريماً حتى لو كان صعباً عليك، هذا يحتاج جهداً حقيقياً ومجاهدة للنفس.
النبي (ﷺ) قال أن أكمل المؤمنين إيماناً هم أحسنهم أخلاقاً.
كيف نُحسّن أخلاقنا؟
الأخلاق الحسنة تحتاج إلى عمل يومي. إليك بعض الخطوات:
- الوعي والمراقبة: فكر في تصرفاتك. هل أنت عادل؟ صبور؟ محترم؟
- الاقتداء بالنبي (ﷺ): اقرأ سيرته وحاول تطبيق أخلاقه في تعاملاتك.
- بذل الجهد: اختر الصبر والمسامحة واللطف بوعي، حتى في المواقف الصعبة.
- الدعاء: اطلب من الله أن يحسّن أخلاقك.
- إصلاح ذات البين: إذا كنت في خلاف مع شخص، خاصة من الأهل، بادر بالصلح. الله أمرنا بذلك:
… فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُوا۟ ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
[سورة الأنفال: 1 (جزء)]
خاتمة: نحو إسلام متوازن
الإسلام المتكامل هو توازن بين علاقتنا مع الله (العبادات) وعلاقتنا مع الناس (الأخلاق الحسنة، العدل، اللطف). لا نهمل أي جانب. بتحسين أخلاقنا، نتقرب إلى الله ونساهم في بناء مجتمع أقوى وأكثر محبة.
نسأل الله أن يعيننا على إتمام عبادتنا وتحسين أخلاقنا. آمين.
